الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة ما قاله القراظ ليزيد بن معاوية: قال محمد بن رشد: القراظ هو بشر بن عبد الله من تابعي أهل المدينة. وكان هذا من قوله ليزيد، والله أعلم، إذ أوقع بأهل المدينة يوم الحرة ما أوقع. وقوله: ما أشبهك بأبيك، أراد به الضد كما يسمى المريض سليما، والأعمى أبا بصير، والمهلكة المفازة، وبالله التوفيق. .مسألة رؤية العبد شعر سيدته: قال محمد بن رشد: أجاز للعبد الوغد أن يرى شعر سيدته، وكره ذلك إذا كان له منظر ولم يحرمه، لقول الله عز وجل: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]. وقوله في غلام زوجها لما سأله عنه فكأنه كرهه، يدل على أنه فرق في ذلك بين عبدها وعبد زوجها، ومعناه في الوغد استحسانا للمشقة الداخلة عليها في الاحتجاب منه مع كثرة تردده وتطوفه؛ والقياس أنه كعبد الأجنبي في ذلك. وأما الذي له منظر من عبيد زوجها فلا يجوز له أن يرى شعر زوج سيده، وبالله التوفيق. .مسألة مقالة عمر لعبد الله بن الأرقم: قال محمد بن رشد: تفسير مالك لقول عمر بن الخطاب بقوله لا يولي عليه أحدا، يحتاج إلى تفسير، ومعناه لا يؤثر أحدا بالولاية عليه. وقد مضى قبل هذا من هذا السماع قول عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في عبد الله بن الأرقم هذا والقول فيه، وبالله التوفيق. .مسألة جزاء المرء على ما يتكلم به من الخير أو الشر: قال محمد بن رشد: هذا الحديث ذكره مالك في جامع موطأه، وذكر عقبه من قول أبي هريرة مثله بمعناه قال: إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها في الجنة. وقد روي عنه مسندا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والكلمة من رضوان الله أو من سخطه التي يكتب الله بها رضوانه أو سخطه إلى يوم القيامة هي الكلمة عند السلطان يرده بها عن جور أو إثم أو يعينه بها على ذلك، لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك، لما جاء فيه مما يدل عليه، وبالله التوفيق. .مسألة ما جاء أنه من أشراط الساعة: قال محمد بن رشد: تقارب الزمان سرعة ذهابه فيما يخيل إلى الناس، وقبض العلم يكون بقبض العلماء. قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا- ينتزعه من القلوب ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا». .مسألة التنزه عن الخصام: قال محمد بن رشد: هذا من الخلق الكريمة العلية، يحمل على نفسه في ماله، ولا يمتهنها في الخصام الذي يولد العداوة والهجران المنهي عنهما، وبالله التوفيق. .مسألة التحليل من الظلامات: قال محمد بن رشد: قد مضى هذا قبل في هذا السماع من مذهب سعيد بن المسيب مثل هذا في غلامه الذي أبق، ومضى في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم تحصيل الاختلاف في التحليل من الظلامات فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق. .مسألة حكاية عن سعيد بن المسيب: قال محمد بن رشد: قد تقدمت هذه الحكاية عن سعيد بن المسيب والقول فيها في رسم البز من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق. .مسألة سيرة عمر بن الخطاب في سني الرمادة: قال محمد بن رشد: قد مضت هذه الحكاية بعينها وإن اختلف بعض ألفاظها في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم والقول فيها. وإنما خرج إلى سيل بطحان، والله أعلم، ليراه فيشكر الله على ما أغاثهم به من المطر الذي أجراه، وبالله التوفيق. .مسألة توقير الشيخ: قال محمد بن رشد: تعظيم الله عز وجل هو الخوف له والعمل بطاعته والبدار إلى ما يقرب منه من الأعمال التي ترضيه. فلما كان توقير الشيخ الكبير وتعظيمه مما يرضي الله عز وجل ويقرب منه بدليل قول النبي: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولا وقر كبيرنا» اقتضى فعل ذلك لوجه الله العظيم تعظيم الله، وبالله التوفيق. .مسألة سن فرعون وما أملي له: قال محمد بن رشد: قول فرعون: يا أيها الملأ، يريد أشراف قومه وساداتهم، ما علمت لكم من إله غيري، يريد فتعبدوا وتصدقوا موسى فيما جاءكم به من أن له ولكم ربا غيري ومعبودا سواي، كذب منه تعمده، إذ قد علم أن موسى رسول الله لما جاءهم به من الآيات. قال الله عز وجل: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14] والجحد لا يكون إلا من بعد المعرفة. وقوله: {فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ} [القصص: 38] أي فاعمل لي آجرا، وذكر أنه أول من طبخ الآجر وبنى به. وقوله: فاجعل لي صرحا، أي سطحا، وكل بناء مسطح فهو صرح. وقوله: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} [غافر: 36] {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: 37]، كلام قاله، والله أعلم، استهزاء وسخريا، إذ لم يجهل أنه لا يقدر على أن يبلغ أسباب السماء بصرح يبنيه له هامان، إذ لا يجهل ذلك من له عقل يصح به التكليف، فقال ذلك استهزاء بموسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأراد أن يبنى له الصرح مرتفعا مشيدا لا يقدر غيره من أهل زمانه على مثله ليجعله دليلا له عند الملأ من قومه على ما يدعي من الربوبية. وهذا الذي أقول به في معنى قوله: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} [غافر: 36] {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} [غافر: 37] وبالله التوفيق. .مسألة لا يسلم أحد من أن يكون فيه ما يعاب به: قال محمد بن رشد: قول القاسم إن من الرجال رجالا لا تذكر عيوبهم، صحيح، والمعنى في ذلك ما قاله مالك من أن العيب إذا كان خفيفا والأمر كله جميل حسن لم يذكر اليسير الذي ليس أحد منه بمعصوم مع هذا الصلاح الكثير. وإذا كان طلحة بن عبيد الله يقول في زمنه خف الأمر وغلب سفهاء الناس علماءهم، فناهيك من ذلك في زماننا هذا، أسأل الله العصمة والتوفيق برحمته. .مسألة إقرار عمر لأبي بكر باستحقاق الخلافة: قال محمد بن رشد: قال ذلك عمر بن الخطاب إذ حكي أن أبا بكر الصديق قال إذ خطب في سقيفة بني ساعدة بعد موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح. قال فلم أكره مما قال غيرها، كان والله أن- أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، حسبما مضى قبل هذا في هذا السماع. وبالله التوفيق. .مسألة: في أن الناس عرفوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أبي بكر بقيامه ليستره من الشمس: قال محمد بن رشد: كان هذا حين قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم المدينة مهاجرا من مكة. وذلك أن المسلمين بالمدينة لما سمعوا بخروج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة كانوا يغدون كل غداة إلى الحرة ينتظرونه حتى يؤذيهم حر الظهيرة فينقلبون، فانقلبوا يوما، فلما أووا إلى بيوتهم رقي رجل من اليهود على أطم لأمر يريده، فبصر برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه يزول بهم السراب مبيضين، فلم يملك اليهودي أن صاح بأعلى صوته: يا معشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرونه، فثار المسلمون إلى سلاحهم وبلغوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الإثنين في شهر ربيع الأول، وطفق من جاء من الأنصار ممن لم يكن رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحسبه أبا بكر، حتى إذا أصابت الشمس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبل أبو بكر حتى أظل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بردائه، فعرف الناس عند ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبالله التوفيق. .مسألة حكاية عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال محمد بن رشد: إنما قال ذلك أبو هريرة حين توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وارتد من ارتد من العرب فأقسم على ما رأى حقيقته، وبالله التوفيق. .مسألة ما جاء أنه من أشراط الساعة: قال محمد بن رشد: ما يروى أنه من أشراط الساعة المؤذنة بقربها كثير أكثر من أن يحصى. وقد ظهرت كلها أو أكثرها، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أشراط الساعة لأنه آخر الأنبياء. وأما الأشراط الكبار التي بين يدي الساعة فهي خمسة: الدابة، والدجال، ونزول عيسى ابن مريم، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، وبالله التوفيق. .مسألة كراهة الذم والمدح في البيع والشراء: قال محمد بن رشد: يريد كيف يسلم من مواقعة الإثم بالمدح مخافة أن يكون بذلك غاشا بالمدح أو الذم. وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من غشنا فليس منا» أي ليس على مثل هدينا وطريقتنا، وبالله التوفيق. .مسألة الاقتصاد في الملبس: قال محمد بن رشد: الشهرتان في اللباس مذمومتان، والاقتصاد فيها هو المختار. روى شعبة عن أبي إسحاق «عن أبي الأحوص عن أبيه أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو قشف الهيئة، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل لك مال؟ قال نعم، قال من أي المال؟ قال من كل من الإبل والخيل والرقيق، قال فكل ما آتاك الله من مال فلير عليك». وقال عمر: إني لا أحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب. والقارئ هو العابد الزاهد، لأن القراء عندهم هم. ومن هذا كان يقال للخوارج قبل خروجهم القراء لما كانوا عليه من العبادة والاجتهاد. ففي قول عمر هذا ما يدل على أن الزهد في الدنيا والعبادة ليس بلباس الخشن الوسخ من الثياب، وقد قال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:- إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم. «وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذي نزع البردين الخلقين ولبس الجديدين: ما له- ضرب الله عنقه- أليس هذا خيرا له» وبالله التوفيق. في إباية حكيم أخذ العطاء من عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قال مالك: وكان عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يدعو حكيم بن حزام إلى عطائه فيأبى أن يأخذه ويقول: قد تركته على خير منك. قال مالك: وسمعت «أن حكيما سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا فقال: إن خيرا لك ألا تأخذ من أحد شيئا، قال: ولا منك؟ قال: ولا مني، قال: فلا آخذ من أحد شيئا أبدا» فتركه لذلك. قال محمد بن رشد: لم يكن ترك الأخذ من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيرا من الأخذ منه من أجل أن في الأخذ منه كراهة، وإنما كان ذلك خيرا له من أجل أنه إذا تركه فقد آثر به غيره ممن يعطاه. وقد مضى الكلام على هذا المعنى في موضعين من رسم تأخير صلاة العشاء في الحرس من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق. .مسألة كراهة المحدثات من الأمور: قال محمد بن رشد: هذا بين، لأن المحدثات بدع، والبدع ضلال، وبالله التوفيق. .مسألة ترك أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الحديث: قال محمد بن رشد: يريد أنه تركه، والله أعلم، لما أسن فخشي أن يكون حفظه قد ضعف لما يلحق مع الكبر من كثرة النسيان. وقد روي أن ابن هرمز ترك الفتوى فقيل له في ذلك فقال: إني أجد في جسمي ضعفا والقلب بضعة من الجسم، وأنا أخشى أن يكون قد ضعف فهمي كما ضعف جسمي، وبالله التوفيق. .مسألة الستة الملعونين من هم: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمحل ما حرم الله والتارك لسنتي، والمتسلط في الأرض بالجبروت يذل بغير الحق من أعز الله ويعز من أذل الله، والمستأثر بالفيء المستحل له». قال محمد بن رشد: اللعن الخزي والطرد والإبعاد من الرحمة، ومن لعنه الله فقد استوجب النار ببعده من الرحمة، وبالله التوفيق. .مسألة ما جاء من الدنيا خضرة حلوة: قال محمد بن رشد: قوله الدنيا خضرة حلوة معناه صورة الدنيا وما خلق الله عز وجل فيها من الشهوات التي أعلم أنه زين حبها للناس بقوله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} [آل عمران: 14]، الآية، حسنة موفقة. وقوله من أخذها بحقها معناه من اكتسب المال فيها من وجهه بورك له فيه. وقوله ومن أخذها بغير حقها معناه من خلط في اكتساب المال فيها ولم يتوق في ذلك. وقوله كان كالآكل لا يشبع معناه أن من هذه صفته يرغب ولا يقنع. وجاء في صحيح البخاري «أن حكيم بن حزام قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال لي: يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع». فنقول بمجموع الحديثين إن من جمع المال من وجهه وأخذه من الإمام بسخاوة نفس بورك له فيه، وإن من خلط في جمع المال ولم يتوق فيه وأخذه من الإمام بطلب له واستشراف إليه ورغبة فيه وحرص عليه لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، أي يرغب ولا يقنع. وفي معناه ضرب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المثل للذي سأله أيأتي الخير بالشر؟ فقال: «إن الخير لا يأتي بالشر»، وإنه كلما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت. يقول إن جمع المال بالحرص عليه والرغبة فيه قد يهلك صاحبه إن لم يؤد حق الله فيه ويعطي منه المسكين واليتيم وابن السبيل، فشبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأبوال والأرواث التي تشفي آكلة الخضر من الحبط والسقم بالصدقات التي تكفر عن صاحب المال الإثم وترفع عنه الحرج. وأما المتخوض في مال الله ورسوله الذي له النار فهو الذي يجمع المال من غير حله ولا وجهه ويمسكه ولا يتصدق به ولا يتوخى من شيء منه، وبالله تعالى التوفيق لا شريك له. .مسألة ما جاء عن عمر بن الخطاب في التجارة: ما جاء عن عمر بن الخطاب في التجارة قال مالك: قال عمر بن الخطاب: عليكم بالتجارة لا تفتننكم هذه الحمراء على دنياكم. قال أشهب: كانت قريش تتجر، وكانت العرب تحقر التجارة، والحمراء يعني الموالي. قال محمد بن رشد: أباح الله تبارك وتعالى التجارة فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]، وقال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] يريد التجارة في مواسم الحج. فالتجارة مباحة للرجل إذا استغنى عنها ولم يحتج إليها، ومستحبة كما قال عمر بن الخطاب إذا احتاج إليها للنفقة على نفسه أو على من يجب عليه الإنفاق عليه. أو لخير ينوي أن يفعله مما يعود عليه منها، وبالله التوفيق. .مسألة ما هو قلب الشيخ شاب فيه: قال محمد بن رشد: يريد في الغالب، وإن وجد شيخ لا يحب الحياة ولا يرغب في المال فنادر، وبالله التوفيق. .مسألة تفسير قول الله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم: قال مالك: وأخبرني محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أنه قال: إن اليهود قالوا إن الرجل إذا أتى امرأته مدبرة جاء ولده أحول، فأنزل الله تبارك وتعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]. قال محمد بن رشد: قد مضى هذا قبل هذا في رسم التسليف في الحيوان والطعام من سماع ابن القاسم والكلام عليه فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق لا شريك له. فيما ذكر من قراءة ابن مسعود قال مالك: أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ} [الدخان: 43] {طَعَامُ الأَثِيمِ} [الدخان: 44]، فجعل الرجل يقول طعام اليتيم، فقال ابن مسعود: طعام الفاجر. قال محمد بن رشد: ظاهر قول ابن مسعود هذا أنه لما لم يحسن القارئ أن يقول طعام الأثيم قال له طعام الفاجر على جهة التفسير. وهذا يدل على ما قيل من أن القراءة التي تنسب إلى ابن مسعود إنها قراءة كان يقرئها على وجه التفسير لأصحابه لا على أنها قرآن. وقد قيل إنها قراءة لم تثبت، إذ إنما نقلت نقل آحاد، ونقل الآحاد غير مقطوع به، والقرآن إنما يؤخذ بالنقل المقطوع به، وهو النقل الذي ينقله الكافة عن الكافة، فما لم يقطع عليه أنه قرآن لمخالفته مصحف عثمان المجتمع عليه لا تباح قراءته على أنه قرآن، إذ حكمه حكم ما يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأحاديث والأخبار، فلا تجوز الصلاة به. وكذلك قال في المدونة: إن من صلى خلف من يقرأ بقراءة ابن مسعود أعاد في الوقت وبعده، وإن علم وهو في الصلاة قطع وخرج. فيجب على الإمام أن يمنع منه ويضرب عليه ولا يبيح قراءة سوى ما ثبت بين اللوحين في مصحف عثمان، على ما وقع في أول سماع عيسى من كتاب السلطان، وبالله التوفيق.
|